تقرير جديد هو الأشمل حتى الآن عن مشاركة المرأة في الحياة السياسية في العراق: العقبات وسبل التغلب عليها
تصطدم مشاركة المرأة في الحياة السياسية في العراق بعقبات كثيرة، وذلك بالرغم من تصميمها على الانخراط في المجال العام، حيث احتل العراق في عام 2020 المرتبة 70 عالميًا من حيث نسبة مشاركة المرأة في البرلمان. هذا ما أبرزه التقرير الجديد الصادر اليوم عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والمعهد العراقي، الذي يحدد العقبات التي تواجهها النساء اللاتي يترشحن للمناصب العامة المنتخَبة والعوامل التي تؤثر على اختيارات الناخبين للمرشحات. كما يطرح التقرير مجموعة من التوصيات للتغلب على هذه العقبات.
وأشارت نائبة الممثل الخاص في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أليس وولبول إلى “أن المشاركة الهادفة للمرأة لا تعني فقط زيادة عدد النساء في الحياة العامة رغم أنها بداية جيدة، بل إنها تعني أيضًا السعي لسن تشريعات لصالح المرأة، وتعني الممارسة السياسية التي تعالج قضايا تهم المرأة كالعنف الأسري، وتعني إزالة العوائق التي تحول دون المشاركة على قدم المساواة في صنع القرار. إن الدراسة البحثية التي نناقشها اليوم تقدم صورة مقلقة للتحديات التي تواجهها المرأة عند دخولها المجال السياسي، وتقترح ما يمكن أن يساعدها على المضي قدمًا، وتحدد المجالات التي من شأن بعض التغييرات البسيطة فيها أن تحدث فارقًا هائلاً في إمكانية دخول المرأة للميدان السياسي”.
واعتمد التقرير في الوصول إلى نتائجه، بجانب جمع البيانات الكمية، على عدد كبير من المقابلات وحلقات النقاش مع نساء مهنيات، وأعضاء في البرلمان، وأعضاء في مجالس المحافظات، ونواب سابقين، وناشطات في المجتمع المدني، ومدافعين عن حقوق الإنسان في العراق. وركز التقرير على العقبات التي تقف أمام مشاركة المرأة في الحياة السياسية، منها الاجتماعية والثقافية التي تتمثل بالصور النمطية التقليدية السائدة أو تقسيم الأدوار بين الجنسين وفق رؤية تقليدية لدور المرأة؛ ومنها السياسية حيث تتحدد نسبة مشاركة المرأة من خلال تطبيق “الكوتا”؛ ومنها أيضاً الاقتصادية والمالية حيث تواجه المرشحات صعوبات في تمويل حملاتهن السياسية.
تعليقًا على هذا، قالت رئيسة المعهد العراقي رند الرحيم: “لقد حان الوقت لأن يدرك صناع القرار في العراق بأن المشاركة السياسية الفعالة للمرأة ليس ترفاً ولا هبة. إن مشاركة المرأة جزء لا يتجزأ من إرساخ الديمقراطية الحقة والعدالة والمساواة للجميع.”
ومن العقبات التي تواجهها المرأة أيضاً الهيكلية والبيروقراطية حيث يسوِّق الإعلام دور المرأة بشكل سيء إذ يصوّر نقص كفاءاتها. وغالبًا ما تُستبعَد المرشحات من المشاركة في مجالات حساسة مثل أمن الدولة ومفاوضات حلّ النزاعات. إلى ذلك، هناك عقبات تتعلق بالإحباط أو الترهيب حيث تواجه المرأة ضغوطاً من جانب الأسرة أو المجتمع لمنعها من الترشّح للمناصب المنتخبة عدا عن تهديدات المعارضين والخصوم.
وعلى الرغم من الكمّ الهائل للعراقيل، أظهرت التجربة العملية أن النساء أثبتن قدرتهنّ في إدارة شؤون الدولة بشكل سليم حيث يتمتعن بالمصداقية والشفافية والكفاءة بفضل شعورهنّ بالمسؤولية وحرصهنّ على النزاهة والدقة.
أمام هذا الواقع، قالت رئيسة مجموعة السكان والعدالة بين الجنسين والمساواة بالإسكوا مهريناز العوضي: “ندعو إلى تعزيز ثقافة المساواة بين الجنسين ونشرها وإدماج قضية مشاركة النساء ضمن أولويات الأطر السياسية المتنوعة لترسيخ قيم المساواة والعدالة والديمقراطية والحرص على إيجاد آلية وطنية معنية بالنهوض بالمرأة”.
وسيلي إطلاق التقرير عدد من الدورات التدريبية للنساء المهتمّات بالمشاركة في الحياة العامة في العراق، إضافة إلى تدريب لإعلاميين في العراق بشأن دورهم في تغطية النشاطات السياسيّة للمرأة.