مركز الاستماع والارشاد

جريمة الابتزاز الالكتروني من جرائم العنف ضد المرأة

شهد العراق منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي انتشار جرائم الابتزاز الالكتروني وأصبحت مثل هذه الجريمة الخطرة مصدر قلق لجميع افراد المجتمع وخاصة النساء والفتيات حيث ذهب ضحيتها الكثير وصلت حد القتل والانتحار والاعتداء الجنسي . وتنشأ مشكلة الابتزاز في مجتمع تفقد الاسرة فيه الاستقرار العاطفي فينشأ الانحراف في السلوك. كما ان لهذه الجريمة تأثيرا على قضايا العرض والشرف فالمجتمع العربي وخصوصا العراق يعتبر من المجتمعات التي تمثل هذه الجريمة عارا اجتماعيا توصم به الاسرة والعائلة مما يجعلهم نواة لمشاريع إجرامية يعاقب عليها المجتمع.

فالابتزاز الالكتروني هو عملية تهديد بنشر صور او فديو او معلومات شخصية وحساسة بهدف الاضرار به إذا لم تستجيب لرغباته المادية او الجنسية ‘ويعتبر أيضا محاولة اكراه وسلب إرادة وحريه لإيقاع الأذى الجسدي او المعنوي على الضحايا فيستخدم وسائل التواصل الاجتماعي او غيرها من الوسائل لتحقيق جرائمه المادية او لا أخلاقية او كليهما.

فتكمن خطورة هذه الجريمة في سهولتها واتاحت وسائلها لجميع الفئات العمرية وكذلك سهولة محو ادلة الاثبات وتعد الاسرة من أقوى عوامل التأثير الاجتماعي في صياغة شخصية الإنسان، فإذا كانت الأسرة سليمة كان ذلك أدعى إلى انتهاج أبنائها ً سلوكا وتكوين فكري سليم، أما إذا أصابها الخلل في كيانها كان ذلك مدعاة الانتهاج الأبناء سبل الانحراف في السلوك.

فأن من اهم دوافع الابتزاز الدافع المادي: نتيجة كثرة البطالة جعلت الشاب العاطل عن العمل يجد الابتزاز الالكتروني من أسهل الطرق للحصول على المال فيطلب الشاب من الفتاة مبالغ كبيرة مقابل عدم نشر صورها او عدم افشاء سر معين فيستغل ضعفها.
والدافع الجسدي: يبتز الشاب أي فتاة من اجل إرضاء الغريزة فيبدأ بتهديدها بالصور او الفيديوهات من اجل الطلب منها أمور جنسيه مخالفة شرعا وقانونا.
ودافع نفسي: الشخص المبتز لديه شخصية معتله نفسيا تتسم بعدم النضج الانفعالي قد يرغب بسلوك مضاد للمجتمع ولا يراعي القيم والأخلاق المجتمع اوقد يكون هذا الدافع نتيجة لأي شكل من اشكال الانتقام ضد الفتيات.

ومن الاثار جريمة الابتزاز الالكتروني على النساء او الفتيات هو الترهيب النفسي والخوف مما يؤدي الى اصابتهن بعقد نفسية تزعزع ثقتهن بالمجتمع ويفقدهن النظرة المتوازنة على الاخرين مما قد يؤدي الى الاكتئاب ومن ثم الانتحار وخاصه إذا كانت الفتاة غير قادرة على الإفصاح عن الابتزاز الذي تتعرض له نتيجة الخوف من الفضيحة او نظرة المجتمع السلبي او الخوف من الاهل او قلة الثقة بالقانون ….. الخ
وهنا يأتي دور القانون تارة ليحمي المصالح الفردية ذات الطابع الشخصي البحت وتارة أخرى يهدف الى حماية المجتمع من هذه الأفعال حتى وان قبل المجني عليه بنتيجتها فالقانون يحمي كل فعل يسبب ضررا للغير.

وعند تفحص قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة (1969) ونصوصه العقابية يلاحظ عدم وجود كلمة (ابتزاز) بصورة واضحة لكن يمكن ان نستدل على اثاره بتجريم بعض الأفعال التي تمثل بحد ذاتها ابتزاز او ممكن تكون طريقة يمارسها المبتز في سبيل الحصول على معلومات الخاصة بالضحية.
فنصت المادة (430) (1 – يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس كل من هدد اخر بارتكاب جناية ضد نفسه او ماله او ضد نفس او مال غيره او بأسناد امور مخدشه بالشرف او افشائها وكان ذلك مصحوبا بطلب او بتكليف بأمر او الامتناع عن فعل او مقصودا به ذلك).
المادة (432) (كل من هدد بالفعل او بالقول او الإشارة او الكتابة او شفاها او بواسطة شخص اخر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة او بغرامة لا تزيد عن مائة دينار).

المادة (433) (1ـ القذف هو اسناد واقعة معينة الى الغير بإحدى طرق العلانية من شئنها لو صحت ان توجب عقاب من اسندت اليه او احتقاره عند اهل وطنه ويعاقب من قذف غيره بالحبس او بالغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين. وإذا وقع القذف بطريقة النشر في الصحف او المطبوعات او بإحدى طرق الاعلام الأخرى عد ظرفا مشددا للعقوبة).

المادة (434) (السب من رمي الغير بما يخدش شرفه او اعتباره او يجرح شعوره وان لم يتضمن ذلك اسناد واقعه معينة. ويعاقب من سب غيره بالحبس مدة لا تزيد على مائة دينار او بإحدى هاتين العقوبتين. وإذا وقع السب بطريق النشر في الصحف او المطبوعات او بإحدى طرق الاعلام الأخرى عد ذلك ظرفا مشدد للعقوبة).
المادة (438) (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنه وبغرامة لا تزيد عن مئة دينار او بإحدى هاتين العقوبتين
1ـ من نشر بإحدى الطرق العلنية اخبارا او صورا او تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة او العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الإساءة إليهم).
وهنالك إجراءات قانونية وقضائية لمجابهة مجرمي الابتزاز الالكتروني حيث خصصت الجهات المعنية (وزارة الداخلية) و(جهة الامن الوطني) وحدات متخصصة (مكافحة الابتزاز الالكتروني) في مكافحة هذا النوع من الجرائم.. فأي شخص يتعرض للابتزاز يمكن الاتصال بالرقم المخصص لمكافحه الابتزاز او عن طريق إقامة دعوى في محكمة التحقيق من قبل المجني عليه او من ينوب عنه.

مركز الاستماع والارشاد النفسي/ الاجتماعي والقانوني ضمن مشروع تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال المساواة الجندرية والذي تنفذه منظمة المرأة بدعم من صندوق المرأة للسلام والعمل الانساني وهيئة الامم المتحدة للمرأة في بغداد والانبار 2020_2021 استقبل استشارات لحالات تخص هذه جريمة الابتزاز الالكتروني.

ـ فتاة عمرها 22 سنة كانت لديها علاقة مع أحد الأشخاص كانت ترسل له صورها وصور عائلتها وبعد مدة من علاقتهما قررت انهاء هذه العلاقة بسبب انه يطلب منها صور غير أخلاقية ويطلب منها أمور محرمة شرعا وقانونا فبدء بتهديدها في حال تركه وعدم ممارسة الجنس معها سينشر الصور والمحادثات بكل وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا ايصالها لأهلها. فلم تخبر أهلها لأنها تخاف من ردت الفعل وأيضا تخاف من الفضيحة فقررت اللجوء لمركز الاستماع المنظمة لتقديم الاستشارة القانونية لها وماهي الاجراءات الممكن اتخاذها في هذه الحالة؟

حيث قام المشرفين في مركز الاستماع الاتصال بمديرية الامن الوطني رقم مكافحة الابتزاز وتم ألقاء القبض على المجرم وكل ذلك كان بسرية تامة.
فتاة عمرها 18 في محافظة الانبار وصلتها رسائل على تطبيق الماسنجر فيها تهديد من قبل شخص مجهول وقام بأرسال لها صورها الخاصة ومع عائلتها كانت قد أرسلتها سابقة الى أحدى صديقاتها واقاربها فقام المبتز بتهكير حسابها واخذ كل الصور وأيضا المحادثات الخاصة بها وطلب مبلغ قدره خمس ملايين دينار عراقي كدفعة اولى مقابل عدم نشر هذه الصور والمحادثات.

مركز الاستماع والارشاد قدم الاستشارة القانونية للفتاة بنصحها بعدم الاستجابة لهذا الشخص وعدم الرد علية وأيضا عدم تهديده بالشرطة فقط ان يلجا الشخص لجهة مكافحة الابتزاز الالكتروني ومعرفة الشخص ومحاسبته قانونيا بحسب مواد قانون العقوبات الموجودة أعلاه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى